الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   أخبار اليوم  

في السياسة و ليس في الدين بقلم : يونس أحمد الناصر
May 09, 2013 03:37

في السياسة و ليس في الدين  بقلم : يونس أحمد الناصر

 

في السياسة و ليس في الدين- بقلم : يونس أحمد الناصر
لنتفق جميعا على أن خلافنا على مساحة العالم هو خلافا سياسيا و ليس دينيا , و إن اتفاقنا إن حدث سيكون سياسيا و ليس دينيا
فالرسالة الاسلامية الدينية جاء بها رجلا من قريش هو محمد بن عبدالله (ص)  , قبل ما يزيد عن ألف و أربعمائة عام وهي التقويم لهجرة النبي من مكة الى يثرب ,  آمن به من آمن ,  و كفر من كفر.
 و عاش النبي محمدا (ص) , جارا رحيما بجاره اليهودي , و تزوج من مارية القبطية المسيحية , أرسل جيوش الاسلام للدعوة للاسلام ,  و ليس لجز الرقاب,  و أوصى جنوده بالرحمة و الدعوة الى الله بالحكمة و الموعظة الحسنة , كما أوصاهم باحترام أماكن عبادة الآخرين واحترام  رجال الدين من الشعوب الأخرى فقال:  " لا تقتلوا راهبا و لا ساكن الدير " , كما أوصى جنوده بأن  من أراد منهم البقاء على دينه فليفعل ,  و لكن عليه دفع الجزية و هي الضريبة بمفهومنا المعاصر نظير حماية الدولة الاسلامية لهم و رعاية شؤونهم .
إذا - أسس محمدا (ص) ,  الدولة العربية التي تحترم مواطنيها مهما كانت ديانتهم , لهم ما للمسلمين , و عليهم ما على المسلمين,  على أن يكونوا مواطنين صالحين ,  يخدمون الدولة و لا يتآمرون عليها و هكذا كان , فقد بقيت الكنائس تدق أجراسها في أرجاء الدولة الاسلامية , و بقي اليهود يمارسون طقوسهم في الكنس اليهودية التي ما زال الكثير منها باقيا الى اليوم .
 وضع محمدا (ص) القانون المدني لهذه الدولة و أصول المحاكمات و إرساء العدل بين المواطنين و لا أقول المسلمين و التاريخ يشهد على كثيرا من المحاكمات التي أنصف فيها المظلوم و اقتص من الظالم مهما علا شأنه
مضى محمدا(ص)  الى جوار ربه بعد أن أبلغ رسالته , و بدأت أولى بذور الخلاف السياسي - و ليس الديني - على من سيقود الدولة الاسلامية التي أسسها محمدا(ص)  و انتشرت حدودها بعيدا , و كل من أصحابه دفع بأحقيته بالخلافة , و اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة و نبينا (ص) كان لا زال بين ظهرانيهم يتنازعون الملك , و اتفقوا فيما بينهم على الخلافة الراشدية التي نعرفها , و تدوال عليها أربعة خلفاء  عرفوا  بالراشدين ,  مضت بعدها الخلافة الى معاوية بن أبي سفيان الأموي ,  ليبدأ العهد الأموي,  ينقلها الأب الى الابن و هكذا دواليك ,  يجنون خراج الدولة الاسلامية و يلاحقون المعارضين لهم ,  و قد بدأ  واضحا في هذه الفترة انقسام سياسي حاد بين من يدعون الى أحقية آل البيت بالخلافة و الأمويين الحكام الفعليين للدولة الاسلامية ,  و دعى الكثيرون من العقلاء الى الاحتكام الى الاسلام المحمدي,  و لكن أي اسلام يمكن العودة اليه ؟؟ و قد أصبح اسلاما بخمسة مذهب تم الاعتراف رسميا بأربعة منها وهي(  المالكي و الحنفي و الشافعي و الحنبلي)  و المذهب الذي اختلفوا عليه هو المذهب الجعفري , و لا زال الخلاف حتى يومنا هذا رغم إقرار الجامع الأزهر بجواز التعبد على هذا المذهب.
 و ما يعنينا هنا ليس جواز التعبد من عدمه انما نظام الحكم و إدارة الدولة , فقضى الكثيرون من الذين بايعوا آل البيت على أيدي الأمويين,  بالسيف كالامام الحسين بن علي أو بالسم كأخيه الحسن و ملاحقة الباقين في مسيرات الموت الكربلائية,  حتى استطاع العباسيين انتزاع الحكم من الأمويين ,  ليتداولوه بينهم و يسقوا الأمويين من نفس الكأس التي سقوا بها أنصار عليا موتا و عذابا وصولا الى نهاية الدولة العباسية و آخر خلفائها الأمين و المأمون أبناء هارون الرشيد و أخوالهم العثمانيون ,  الذين انقضوا على الحكم و بدأ الحكم العثماني للدولة الاسلامية تحت مسمى الخلافة و تداول عليها سلاطين العثمانيين ما يزيد على الأربعمائة من السنوات أثخنوا بها الدولة بالجراح , سرقة للمقدرات و نهبا للثروات و تسخيرا للعرب في حروب ليس لهم بها ناقة أو بعيرا .
وهنا لا زلنا نتكلم في السياسة , فمع أفول الدولة العثمانية على أيدي أحرار العرب في الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين ,  و الذي غدر به الانكليز عند تمكنهم من طرد العثمانيين فكان وعد بلفور الانكليزي لليهود بإقامة دولة لهم في فلسطين و كانت اتفاقية سايكس بيكو لتقاسم النفوذ في الوطن العربي و تقسيم الجسد الواحد أيادي سبأ  .
دخل المستعمر الغربي الى الدولة الاسلامية المنهكة و التي تعاني الفقر و الجوع وبدأو نهبا لثرواتها و تبديدا لطاقاتها عشرات السنين فظهرت دعوات الاستقلال و تنظيم الصفوف لطرد المستعمر و نشأت الحركات الوطنية من المحيط الى الخليج و لكن المستعمر الذي اضطر مرغما على الانسحاب ,  ترك حكومات تؤمن مصالحه و تستمر بنهب الثروات لحسابه تناقلت السلطة بين أفرداها ,  ومثالهم الصارخ حكومات الخليج ,  التي لا زالت حتى يومنا هذا تنهب الثروات و تغذي بها مصانع السلاح الذي يقتل به الانسان العربي حيثما كان .. فبالله عليكم ما علاقة السياسة بالدين ؟؟
و هل خلافنا اليوم سياسيا أم دينيا ؟؟؟
فالدين يا أخوتي ما هو الا وسيلة لاثارة الغرائز و تبريرا للقتل , إنه الاداة التي نقتل بها بعضنا بعضا , كي يبقى اللصوص ينهبون خيراتنا و يمتصون دمائنا , و ببساطة لا يريدون لنا أن نلتقي أو تتوحد كلمتنا , لأنهم و ببساطة أيضا لن يستطيعوا عند اجتماعنا سرقتنا , وهو ما يفهمونه جيدا بأن اجتماعنا سيكون ضدهم بالدرجة الأولى 
اليوم و بعد مئات السنين من الفرقة و التشتت و الموت و النهب لكل ما هو عروبي ,  تجتاحنا موجة أخرى أطلقها المستعمرون الجدد لتشتيتنا و الاستمرار في نهب مقدراتنا و الخوف من اتفاقنا ووحدتنا و سلاحهم أيضا هو الدين , هذا السلاح القاتل و الفعال بين جناحي الاسلام و أعني السنة و الشيعة عبر تشويه الرسالة المحمدية السمحاء ,  و إلصاق ما طاب لهم من التهم لهذه الديانة بالعنف و الارهاب و استهداف الاقليات و إثارة خوف القوميات و الاثنيات الأخرى التي تعيش على أرض العرب كي يحترق الجميع بنيران البغضاء و يصفو لهم الجو ,  للنهب و السرقة , يبيعون العرب كل صنوف الأسلحة القاتلة كي نقتل بعضنا بعضا و يمنعون علينا كل ما من شأنه أن يرفع قدر العرب , يمنعون علينا امتلاك التقنية و العلم لأننا بنظرهم شعوب همج لا نستحق  ما بأيدينا  من ثروات  , و يجب أن نموت أو نبقى ضعفاء ,  كي يستمروا بنهب ثرواتنا .
 أدواتهم معروفة و أعوانهم موجودون و فتاوى التكفير جاهزة  و الغوغاء موجودون بسبب الجهل المفروض علينا
السنة و الشيعة مجددا هل الخلاف دينيا أم سياسيا ؟؟؟
ان كان الخلاف دينيا فتعالوا لنحتكم الى الحوار و الدعوة التي أمرنا بها رسول الله(ص) ,  بالحكمة و الموعظة الحسنة و ليس بالسيف و جز الرقاب
و إن كان خلافا دينيا فما الداعي للعشرية السوداء في الجزائر و هم أبناء المذهب المالكي الواحد ؟؟؟؟
و إن كان خلافا دينيا ,  ففي بورما يباد المسلمون و على خادم الحرمين الشريفين  تجهيز خيوله و غزو بورما لانقاذ المسلمين كما يدعون .
لا بل أكثر من ذلك , للتتجه خيول خادم الحرمين الشريفين الى القدس لتحريرها و انقاذ المسلمين من الابادة الجماعية على أيادي الصهاينة
و إن كان خلافنا سياسيا  , فلنحتكم ككل شعوب الارض الى صناديق الاقتراع
و إن كان خلافنا سياسيا فلنضع السلاح جانبا و نتحاور للوصول الى كلمة سواء
ما علاقة الدين بثورات ما يسمى زورا بـ ( الربيع العربي)  من تونس الى مصر و صولا الى اليمن و سوريا و اليوم العراق و غدا لا نعرف على من تدور الدوائر ؟؟؟
و لماذا نرى شعارات ثوراتنا الاجتماعية كلها طائفية و دينية من شعار " الدم السني واحد " وصولا الى الغزوات و السبايا و الحوريات ؟؟؟
و لماذا يعيدوننا آلاف السنين الى الوراء ليصبح قادة الثورات القعقاع و المهلب و الشنفرى  , صحابة و غير صحابة ؟؟؟
و لماذا يعيدون بناء أحقاد التاريخ ؟  ليزجوا بها أبناء القرن الحادي و العشرون ؟؟
أسئلة ربما نستطيع الاجابة عليها جميعنا , فالهدف هو أن نفني بعضنا و نفتت قوتنا و ننسى مستقبلنا و نسقط مرة أخرى في براثن الاستعمار المباشر مئات السنين الأخرى
فالاسلحة الأمريكية الذكية ,  تقتلنا سنة و شيعة و تفتك بأطفالنا دون تمييز ,  يبيعوننا السلاح و ينهبون ثرواتنا و ينظرون الينا كيف نقتل بعضنا في المسرح الروماني كحيوانات تجارب و يدرسون تصرفاتنا  , كأننا حلقة بحث في جامعة أمريكية عن مراحل تطور الشعوب .
و في الختام أقول : تصرفوا كما شئتم أيها الأعراب و لكن سوريا بأهلها و عقلائها , سنتها و شيعتها , كردها و عربها , مسلميها و مسيحييها ,  قررت أن تكون خارج مسرحكم الروماني الدامي , و قررت أن تنهي ما خططتم و رسمتم , و ستبقى سوريا لكل أهلها و سنقطع اليد التي تمتد للعبث بأمنها و استقرارها و سرقة مقدراتها , و سيبقى السوريون أخوة ,  الكنيسة تعانق المسجد و الكردي يعانق العربي ,  و سيبقى ياسمين الشام يضوع على العالم عطرا .
 

 



  عدد المشاهدات: 2482

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: