الأمل بالعمل



الأكثر زيارة
 الصفحة الرئيسية   مقالات  

صلاة في محراب الوطن بقلم : يونس أحمد الناصر
July 26, 2023 10:17

سورية بلاد الشمس و مهد الحضارة الإنسانية.
سورية إهراءات روما و بلد النواعير و المحراث الأول.
سورية أول سقف عرفته البشرية و أول نوطة موسيقية.
سورية التي اخترعت الأبجدية للتواصل بين البشر.
سورية و سفنها الفينيقية التي تمخر عباب البحار و لجة المحيطات .
سورية الإنسان الذي بنى أول المسارح و الملاعب الأولمبية في العالم.
سورية أبولدور صاحب عمود تراجان و جسر الدانوب
سورية التي تدين لها البشرية بكل ما هو خير يعيش شعبها اليوم أزمات الحرب و الحصار و الجوع .
كيف لسوري أن يقول لأولاده نحن عرب وهو يرى العرب يعملون خناجرهم بأجسادنا؟
و كيف لسوري أن يقول إنسانية وهو يرى البشرية تجتمع عليه حرباً و قهراً و تجويعاً؟
الجوع و آثاره على الجيل الحالي و الأجيال القادمة كارثة إنسانية تتفرج عليها الكرة الأرضية , فلا عدو يرحم و لا صديق يعطف !
ماذا تنتظرون و أنتم ترون فقراء السوريين يزحفون فقراً و جوعاً و فاقة؟
هل يمكن للسوري أن يقنع أولاده بأي دين سماوي يدعو للمحبة و هو لا يجد ما يسد به رمقه ؟
كثير من العائلات السورية اليوم لا تجد الكفاف و لا تجد ما يعين أجساد الصغار على الوقوف .
هل أبالغ ؟؟؟
انظروا لحال الفقراء السوريين في البيوت و الشوارع و حتى حاويات القمامة نعم حاويات القمامة التي تحدث عنها عبدالحليم خدام يوم لم يكن سوري يقف عندها سوى ليرمي قمامة بيته الذي يفيض بالخيرات و لكن نبوءة ذلك الشيطان تحققت مع مردته الذين أوصلوا البلاد لهذا الحال .
الحرب الظالمة التي صلبت السيد المسيح ليقف نازفا دمائه الطاهرة على أرض الوطن فيما يقف المتفرجون يتابعون هذه المسرحية الدامية بلا اكتراث و لا مبالاة
السوريون اليوم بغالبيتهم العظمى يعانون الفاقة فقد التهمت فوضى الحرب كل إمكاناتهم على الحياة و عندما نقول الحياة فذلك يعني القدرة على تأمين الطعام و التعليم و الاستشفاء و .. الخ
العقل السليم في الجسم السليم هكذا تعلمنا.
من أين يأتي السوري بجسم سليم و 90% من مائدته المعتادة باتت خارج الإمكانيات و من أين يأتي العقل السليم لجسد أنهكه الفقر و الجوع ؟
لكل منظمات حقوق الإنسان التي تتشدق صباح مساء بحقوق المثليين و لكنها لا ترى جياع السوريين
لكل منظمات الأمم المتحدة التي تسطر تقاريرها عن الفقر في سورية و يبقى العالم يتفرج لحين حدوث إبادة شاملة لهذا العرق السوري (نسغ الحياة في هذا الكوكب )
كفرنا بالعروبة و الإنسانية و كل الأديان التي يعتنقها البشر اعتقادا لا ممارسة فالعروبة و الإنسانية و الأديان تدعو الإنسان للشعور بأخيه الإنسان
و لم يبق أحد على هذا الكوكب يعرف الوصايا العشرة و من يدعي معرفتها يعرفها تشدقاً لا إيماناً و عملاً.
السوريون يموتون جوعاً حقيقة و ليست مبالغة, فقد حرموا من البروتين و خلت مائدة السوريين الفقراء من كل أنواع اللحوم و الأجبان و غيرها حتى حشائش الأرض لم تعد ضمن إمكاناتهم والقلة من السوريين من يستطيعون ذلك و هم فئتين
الأولى عائلات ثرية أباً عن جد و لديهم استثمارات داخل الوطن وخارجه و الثانية أثرياء الحرب الذين كونوا ثرواتهم بالاستفادة من موت و جوع الآخرين و هم ذراع أعداء الوطن الذين لا زالوا يكملون ما بدأه أعداء الوطن في نهب و تخريب البلد.
أصحاب الدخل المحدود وهم شريحة كبيرة في المجتمع السوري باتوا اليوم من ضحايا هذه الحرب المدمرة هم و عائلاتهم بسبب الغلاء الفاحش و تقلبات سعر الصرف و الذي جعل دخولهم لا تساوي ثمن وجبة واحدة من التي كانوا يتناولونها قبل الحرب .
الفساد ظاهرة عالمية و لكنها تصبح أكثر وقاحة في زمن الحرب و تراجع قدرة الدولة على كبح جماحه , و الفاسدون يجدون ألف مبرر لممارسة فسادهم دون أي ضابط أخلاقي مع تراجع كبير للقيم التي تربينا عليها و كثيراً ما ينزلق أصحاب الحاجة في مهاوي الفساد بحجة ( دبر راسك ) بينما كثير من السوريين يتمسكون بأخلاقهم و يرفضون التردي في مهاوي الرذيلة و الفساد و يصبرون الصبر القاتل على الجوع و الفاقة (لعل الله يجعل لهم مخرجا)
لا تدعوا الفقير إلى الله بل ادعوه إلى الطعام فالبطون الخاوية لا تستطيع أن تفكر بأبعد من الطعام
الفقر ظاهرة اقتصادية مؤلمة وليست مستعصية , تنخر في خلايا المجتمعات فتساهم في خلق الكثير من الآفات( سوء التغذية، الأمراض، والجهل).
ويعرّف الفقر على أنه الحالة الاقتصادية التي يفتقد فيها الفرد الدخل الكافي للحصول على المستويات الدنيا من الرعاية الصحية والغذاء والملبس والتعليم، وكل ما يعدُّ من الاحتياجات الضرورية لتأمين مستوى لائق للحياة واتسع هذا المفهوم وأصبح أكثر شمولاً خصوصاً بعد قمة كوبنهاغن العام 2006 التي شدَّدت على أهمية حصول الفرد على الحد الأدنى من الحياة الكريمة، وتأمين بيئة سليمة في جميع جوانب الحياة المدنية.
كان المرء يعتبر فقيراً إذا كان دخله لا يستطيع أن يؤمن له الإنفاق الكافي لتأمين الحد الأدنى من حاجاته الغذائية، وأصبح الإنسان اليوم يُنعت بالفقير إذا كان غير قادر على تأمين مجموعة من الحاجات من بينها الغذاء الصحيح والسكن والملبس و الطبابة والاستشفاء والصرف الصحي والمياه النقية للاستهلاك البشري، وتوفير المستلزمات التعليمية لأفراد الأسرة، وتسديد فواتير الماء والكهرباء، وتلبية الواجبات الاجتماعية.
وبشكل عام، إن البلد الذي دخل الفرد فيه دون الدولارين يعتبر في حالة فقر كبير، ومن كان دخل الفرد فيه على حدود الدولار الواحد يكون ملامساً عتبة الفقر المدقع وهذا يُنتج آفات اجتماعية كبيرة ويزداد معدل الجريمة وترتفع مستوى الاضطرابات الداخلية.
ماذا نسمي ما يعيشه أصحاب الدخل المحدود في سورية إذا ؟ و ماذا يمكن أن نسمي وضعهم إذا كان الفقر المدقع يجب أن يكون دخل الفرد لا يقل عن ثلاثين دولارا!!!
للتخلص من الفقر في دولة ما هناك توليفة من العوامل التي لا بد من أن تتوافر لها، إلا أن نقطة البداية تكون في دفع عجلة الإنتاج الوطني لتنمو بشكل كبير، فالعلاقة طردية موجبة، بين زيادة النمو وتقليل الفقر، لأن وصول الفقراء إلى تعليم أفضل، وإلى صحة أسلم، بتأمين الغذاء والمسكن والملبس وخدمات أساسية من مياه شرب نقية ومواصلات وتعليم وطبابة واستشفاء، كلها تساهم بفعالية في عملية تسريع معدلات النمو الاقتصادي وزيادتها. ولا بد من أن يرافق عملية نمو الإنتاج عدالة أفضل في توزيع الدخل.
إن النمو الكبير في الإنتاج يسهم ويسهل تأمين العمل لأعداد الشباب التي تخرج إلى سوق العمل كل سنة، وتأمين العمل لأكبر شريحة من الناس التي تترجم فاعليتها بقدرة شرائية أكبر.
هكذا تبدأ حركة متبادلة متسارعة بين العمل والاستهلاك. حينها تبدأ عملية رفع مستوى الفئات الفقيرة، من ذوات الدخل المنخفض والتي تمثل الأغلبية في مجتمعنا.
من كل ما تقدم، حاولت أن أستنتج أن ظاهرة الفقرة ظاهرة مأسوية ومحاربتها أمر ممكن، المهم أن تتوافر الإرادات وأن يوظف القليل من المال، عندها يصبح بلدنا أكثر بهجة، وأقل فقراً، وبؤساً وشقاءً وألماً وأمراضاً مستعصية.
انتشال شريحة محدودي الدخل من الفقر هو واجب وطني و إنساني و على كل الجهات صاحبة العلاقة سواء مؤسسات رسمية أو مجتمع مدني أو منظمات دولية عربية و أجنبية و حتى الدول الشقيقة و الصديقة أن تسرع في محاولة لانتشال السوريين من الوضع المأساوي الذي تم زجهم فيه
و الإنسان السوري هو إنسان مبدع و خلاق وما ينقصه اليوم هو تأمين الظروف الصحية لتفجير إمكاناته و إبداعاته ليعود إلى ساحة العمل و الإنتاج الذي أدهش البشرية ماضياً بعطائه و ذكائه و إبداعه و قادر على إدهاشه حاضراً .
 



  عدد المشاهدات:

إرسال لصديق

طباعة
شارك برأيك

الاشتراك بالقوائم البريدية
البريدالإلكتروني: